تخطى إلى المحتوى

كيف تعكّرت وليمة السلاحف؟

جوان 22, 2013

كيف تعكّرت وليمة السلاحف؟

اشتهرت السلاحف ببُطئها، ولكنها تتميّز أيضًا بالصبر والإصرار…

ليس كلَّ يوم تجتمع السلاحف حول وليمة؛ وفي الواقع أنها انتظرت قرابة أربعين سنة قبل أن يتقرّر استدعاء جميع السلاحف في الغابة لقضاء بعض الأوقات الممتعة معًا. ومرّت سنة أخرى حتى انتشر الخبر، ومرّت بعدها سنتان حتى تجمّع الجميع في مقاصةٍ جميلة مُشمسة وسط أشجار الغابة … يمكننا أن نتخيّل إلى أيّة درجة نفذ صبرها واشتدّ جوعها، خصوصًا أن الطعام لم يبدأ حتى إعدادُه بعدُ!.

إعداد الطعام لمثل هذا التجمّع المشرّف ليس سهلاً على الإطلاق، ولكن لا مشكلة، فالجميع انشغل مثل خليّة النحل. أحضروا جميع أنواع الخضروات لإعداد كومة ضخمة من السّلطة. انتظرت السلاحف بصبر تحت بعض الأشجار لكي تتلقّف أفضل الفواكه فورًا عند وقوعها ثم تجرّها إلى المقاصة لتعصر رحيقها المعطّر المسْكر. اشتغل جميعهم بنشاط وبسرور ولم ينتبهوا إلى الوقت. والمهمّ أنه بعد مرور عدّة أشهر أخرى أصبح كلّ شيء جاهزًا.

ولكن عندما كان أفضل غذاء في العالم على المائدة وتجمّعت السلاحف جميعًا حولها، وأرادت أن تتناول الطعام، اكتشفت أنها نسيت العنصر الأكثر أهمية في أيّة وجبة: لم يجلبوا الملح!.

تشاورت السلاحف مع بعضها البعض، وقرّرت إرسال أحد السلاحف الشباب، الذي كان معروفًا بأنّه أسرع سلحفاة في الغابة، لجلب الملح. كان هذا السُّلحُف الشاب السريع متردّدًا في ترك التجمّع الاحتفالي، ولكن بعد ممارسة بعض الضغوط الاجتماعية عليه غمغم: “حسنا، ولكن لا يجرؤ على لمس الطعام حتى أعود وأكون بينكم!” واختفى بين الأشجار.

انتظرت السلاحف بإخلاص طيلة أيام وأسابيع، قابعة دون أيّ تحرّك في أماكنها حول الإغراءات المكوّمة على المائدة، ولم يلمس الطعام أحد. وكانوا جميعًا صبورين ولم يُسمع أيّ صوت يتذمّر من الجوع، فقط صوت تذمُّر البطون كان يُسمَع من السلاحف وهي تتأمّل ما بين الأشجار في انتظار البشارة…

عندما تحوّلت الأسابيع إلى أشهر، دون أيّ خبر من السُّلحُف الشاب السريع، صار بعض أطفال السلاحف يتصرّفون بشكل مزعج، وابتدأ كبار السن مشاوراتهم، وكانت الأجواء عصبيّة.

بعد عدّة أشهر من المشاورات قال أحد كبار السلاحف: “إذا انتظرنا أكثر سوف يَفسَد الطعام على أيّ حال. فلنتناول الطعام!”. والحقيقة واجب أن تُقال؛ في هذه المرحلة كلّ السلاحف كانت ببساطة مسرورة أن تصل هذه القصة الحزينة إلى نهايه أيًّا كانت، فبدأت جميعًا تهتف وتصفّق، وشنّت هجومًا على مائدة الطعام من جميع الاتجاهات.

في هذه اللحظة خرج السُّلحُف الشابّ من مخبئه وراء أقرب شجرة، كلّه غضب وهو يصرخ بأعلى صوته: “أنتم خوَنة ولا ثقة بكم! كنت أعرف من الأول أنكم لن تنتظرونني!”

* * *

أهدي هذه القصة هنا في ظل الظروف الحالية القاسية التي وصل إليها الربيع العربي إلى رفاقنا من اليسار، الغاضبين والمغتربين عن الثورة لأنها لم تنتظرهم…

مع العلم أن الغضب على الرفاق (الغاضبين) ليس هو الحلّ – ودون المساهمة النوعية لليسار يمكن أن تفسد جميع هذه الوليمة التاريخية الخاصة جدًا.

هذا المقطع نُشر أيضًا باللغة الإنجليزية.

From → الساتيرا

One Comment

Trackbacks & Pingbacks

  1. The Turtles’ Sour Feast | Free Haifa Extra

أضف تعليق